بينما يتصارع العالم مع تصاعد التوترات الجيوسياسية، افتتحت النسخة الرابعة من المعرض المصري الدولي للدفاع والأمن (إيديكس) أبوابها، مستقطبة الآلاف من القادة العسكريين والمديرين التنفيذيين للصناعات والمبتكرين إلى قلب شمال إفريقيا. إن معرض إيديكس 2025، الذي يُعقد في الفترة من 1 إلى 4 ديسمبر في مركز مصر الدولي للمعارض المترامي الأطراف (EIEC) في القاهرة الجديدة، ليس مجرد معرض، بل هو قمة استراتيجية تؤكد مكانة مصر المتصاعدة كقوة دفاعية في إفريقيا والشرق الأوسط.
تحت رعاية فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، القائد الأعلى للقوات المسلحة المصرية، تم افتتاح الحدث رسمياً من قبل الرئيس نفسه في مركز المنارة الدولي للمؤتمرات المجاور. وفي كلمة احتفالية، شدد الرئيس السيسي على التزام مصر بالاعتماد على الذات في التصنيع الدفاعي، معلناً أن المعرض يمثل "شهادة على السيادة التكنولوجية لبلادنا وروح التعاون لدينا". وقد مهّد حفل الافتتاح الطريق لما يُتوقع أن يكون أسبوعاً حافلاً بالصفقات الكبرى والكشوفات المتطورة والحوارات الدبلوماسية.
🚀 عرض شامل لأحدث التقنيات للخدمات العسكرية الثلاثة
يتميز معرض إيديكس 2025 بكونه معرض الدفاع والأمن الوحيد في المنطقة الذي يغطي الخدمات العسكرية الثلاثة (البرية والبحرية والجوية). يعرض أكثر من أربعمائة عارض من أكثر من أربعين دولة أحدث ابتكاراتهم، محولين قاعات مركز المعارض الشاسعة إلى عرض حي للابتكار العسكري. يمكن للحاضرين استكشاف كل شيء بدءاً من المركبات الجوية المتقدمة بدون طيار والمركبات المدرعة من الجيل التالي، وصولاً إلى الأنظمة البحرية المتطورة وحلول الدفاع السيبراني.
تسليط الضوء على التصنيع المحلي
يُعد الجناح المصري الخاص تحت شعار "صُنع في مصر" نقطة جذب رئيسية، حيث يضم مئتين وستين منتجاً محلياً – قفزة هائلة عن النسخ السابقة. تشمل هذه المنتجات التطورات المحلية مثل:
ناقلة الجنود المدرعة تمساح 3.
أنظمة الرادار المطورة من الهيئة العربية للتصنيع.
الذخائر الموجهة بدقة من مصنع صقر للصناعات المتطورة.
يعكس الموضوع الرئيسي للمعرض، وهو "توطين تكنولوجيا الدفاع"، دفع مصر القوي لتقليل الاعتماد على الواردات، حيث يتم الآن تدبير أكثر من ستين بالمائة من مشتريات القوات المسلحة من مصادر محلية. وصرح مسؤول رفيع المستوى من هيئة تسليح القوات المسلحة المصرية، الجهة المنظمة للحدث، قائلاً: "نحن لا نشتري الأسلحة فحسب؛ بل نبني القدرات."
الحضور العالمي
تحتل الشركات العالمية الكبرى مكانة بارزة أيضاً. تهيمن الأجنحة الوطنية من خمس وعشرين دولة على أرض المعرض، بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا والاتحاد الروسي وجمهورية الصين الشعبية والمملكة المتحدة.
تعرض شركات الولايات المتحدة مثل لوكهيد مارتن ورايثيون ترقيات طائرات إف-16 وأنظمة الدفاع الصاروخي.
تُبرز شركة روس أوبورون إكسبورت التابعة للاتحاد الروسي الطائرة المقاتلة سو-35.
يدفع العارضون الأوروبيون، مثل مجموعة نافال الفرنسية، بتقنيات الغواصات المصممة خصيصاً لعمليات البحر الأبيض المتوسط.
كما يحقق لاعبون صاعدون من تركيا و كوريا الجنوبية تأثيراً كبيراً بأسراب الطائرات المسيرة الفعالة من حيث التكلفة ومدافع هاوتزر K9، على التوالي.
وقد أسرت العروض الحية الجماهير بالفعل. في اليوم الأول، تضمنت عملية هجوم جوي-بري مشتركة محاكاة استخدام طائرات وينج لونج 2 المسيرة التي كشفت عنها مصر حديثاً بالتزامن مع صواريخ ميسترال فرنسية الصنع. وقد استعرضت التجارب البحرية في منطقة العرض المجاورة لنهر النيل سفناً سطحية بدون طيار قادرة على القيام بدوريات ذاتية، مما لفت انتباه الوفود الخليجية.
🤝 حوارات استراتيجية وشبكات عالمية
إلى جانب المعدات، يعمل معرض إيديكس 2025 كمقياس للوضع الجيوسياسي. يستضيف الحدث برنامج وفود كبار الشخصيات العسكرية الدولية المنسق بالكامل، والذي يرحب بأكثر من خمسمائة من كبار الضباط وصناع السياسات من سبعين دولة. وتبرز بشكل خاص الوفود من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة والجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، التي تسعى لإقامة شراكات وسط بؤر التوتر الإقليمية مثل أزمة البحر الأحمر وعدم الاستقرار في منطقة الساحل.
تتعمق المؤتمرات الموازية في مركز المنارة في مواضيع ملحة: "الحرب السيبرانية في العصر الهجين"، "سلاسل الإمداد الدفاعية المستدامة"، و"السيادة في ساحة المعركة القائمة على الذكاء الاصطناعي". وشارك في جلسة حوارية في اليوم الثاني ممثلون عن منظمة حلف شمال الأطلسي يناقشون قابلية التشغيل البيني مع القوات الإفريقية، بينما عرض وزير الإنتاج الحربي المصري، محمد أحمد إيهاب، خططاً لاستثمار خمسة مليارات دولار في البحث والتطوير المحلي على مدى السنوات الخمس المقبلة.
تشير التقارير المبكرة إلى صفقات قوية. تهمس مصادر مقربة من الحدث عن عقد محتمل بقيمة ملياري دولار لترقيات الزوارق الحربية المصرية مع الشركة الإيطالية فيكانتييري، إلى جانب مشاريع مشتركة لتقنية المراقبة عبر الأقمار الصناعية مع شركاء صينيين. وقد مكّنت منصة "التوأم الرقمي" للمعرض – وهي امتداد للواقع الافتراضي – من المشاركة عن بُعد لأكثر من عشرين ألف مستخدم عالمي، مما وسع نطاق وصوله وسط قيود السفر.
🎯 طموحات مصر الدفاعية في دائرة الضوء
يؤكد معرض إيديكس في جوهره تحول مصر من مستورد تقليدي إلى مُصدِّر إقليمي. فمع وجود أكبر جيش دائم في إفريقيا (تسعمائة وعشرون ألف فرد) وميزانية دفاعية تتجاوز أربعة مليارات ونصف المليار دولار سنوياً، تستغل القاهرة موقعها الاستراتيجي في قناة السويس لربط أسواق الدفاع بين الشرق والغرب. يتماشى المعرض مع رؤية 2030، وهي خطة مصر لتنويع الصناعات، حيث يساهم الإنتاج العسكري الآن بنسبة واحد ونصف بالمائة في الناتج المحلي الإجمالي.
إلا أن النقاد يشيرون إلى تحديات: فقد أثارت جماعات حقوق الإنسان مخاوف بشأن ضوابط التصدير، مطالبة بالشفافية في صفقات الأسلحة لمنع الانتشار. ويرد المنظمون بأن معرض إيديكس يلتزم بالمبادئ التوجيهية الصارمة للأمم المتحدة وترتيبات فاسينار، مع وجود منتدى مخصص للأخلاقيات يعالج هذه القضايا.
📰 ماذا سيحدث لاحقاً في إيديكس؟
مع نهاية اختتام الفعاليات، يتزايد الترقب لحفل الختام اليوم، حيث يُتوقع الإعلان عن إعلانات كبرى. تشمل النقاط البارزة جوائز إيديكس للابتكار، التي تكرم الإنجازات في مجال الدفع الأخضر والاتصالات الآمنة كمياً. وبالنسبة لأولئك الذين لم يتمكنوا من الحضور شخصياً، تتوفر جولات افتراضية وجلسات عند الطلب عبر التطبيق الرسمي.
يؤكد معرض إيديكس 2025 مجدداً دور القاهرة كمركز للدبلوماسية الدفاعية. وكما قال أحد العارضين: "في عالم من العزلة، هذا المعرض يبني الجسور—عبر البر والبحر والجو".
![]() | ![]() | ![]() |
![]() | ![]() | ![]() |





